ثلاث قصائد لإدوار غليسان | ترجمة عن الفرنسيّة

إدوار غليسان

خاصّ فُسْحَة - ثقافيّة فلسطينيّة

الثور

 

رغم المحاجز والحظائر،

رغم الماء البارد في المزود،

لا يقدر ثورٌ أن ينفي أنّه التقى الإنسان،

أنّه استطلع جسمه العريان،

لحمه الدامي تحت الجلد الأبيض.

لا إغلاقًا لمساحةٍ يأتي منها الجنون،

ولا لتذوّق لحمٍ آخرَ، أغشية مخاطٍ أخرى،

بل إنّ الأمر، كما يدلّ ويعني،

تتعلّق أسبابه بالدين،

دين مكتوبٌ فوق سواد الأبدان.

الأصل الفرنسيّ.

 

 

ثورٌ مسلوخ

 

هذا لحمٌ دفقت فيه دماء، لحمٌ

ارتجفت فيه المعجزة،

دفء الأبدان الممتنع على الإدراك.

ما زال هناك

شيءٌ من لألاء النور بجوف العين.

ما زال بوسع المرء أن يتحسّس تلك الخاصرة،

أن يضع عليها رأسه،

ويهمهم طردًا للخوف.

الأصل الفرنسيّ.

 

 

فنّ الشعر

 

الكلمات، الكلمات،

لا تستسلم طيّعةً

كمحفّاتٍ تحمل نعشًا.

اللغات كلّها

أجنبيّة.

بالتأكيد ما كان يقصد أن يتضرّع،

ذاك الصوت الّذي ترنّم

بأسرار الخزي.

كان لزامًا على ذلك الصوت،

وهو يعاند الكلمات،

أن يعتاد في اتّضاع

على النبرة اللّي ستتملّكه.

صرخة البومة،

الّتي اقتضاها الرعب،

صرخةٌ صعبة

يصعب تكوينها في الحلق.

لكنّها تسقط، تلك الصرخة

بلون الدم المهراق،

تتردّد طليقةً،

في الغابات الّتي تجزع منها.

الكلمات الّتي انتُزعت، 

الكلمات الّتي وجب أن تُقال،

كانت تقع كالأيّام.

إذا كانت العواصف تفتح الأفواه،

إذا كان الليل ينبجس من قلب النهار،

إذا كان النهر ملكًا زنجيًّا،

قُتِلَ وحام حوله الذباب،

إذا كانت للكرمة لمسات حنوّ

ومعانقات هي من الآن ميّتة،

فقد تعلّق الأمر، منذ الأزل،

بالوقوف على القدمين،

باستخلاص الذات،

بحذقٍ يفوق يد النجار

وهي تشتغل الخشب.

الأصل الفرنسيّ.

 

* إدوار غليسان: وُلد عام 1928 في جزيرة سانت ماري بالمارتينيك الفرنسيّة، واستقرّ في باريس منذ عام 1946. تتلمذ على سنغور وزامل فرانز فانون أثناء دراسته، وعارض حركة "الزنْوَجَة" الّتي دعا إليها سنغور، بحركة مضادّة أسماها "العتامة"، أو حقّ المختلف في اللاشفافية، في ألّا يكون مكشوفًا أمام ثقافة سائدة تهدف إلى إخضاعه. توفّي في باريس عام 2011.

 

 

شريف بهلول

 

 

 

طبيب ومترجم مستقلّ من مصر، يهتمّ بترجمة الآداب العالميّة، عن الإنجليزيّة والفرنسيّة.